بينما تحتفل إيثيريوم بمرور عشر سنوات على إنشائها في 30 يوليو 2025، تبرز المنصة كرمز للابتكار والمرونة والاعتماد العالمي. من الورقة البيضاء عام 2013 إلى ثاني أكبر عملة رقميّة من حيث القيمة السوقية، يمتد تأثير إيثيريوم عبر مجالات المال والتكنولوجيا والثقافة. إليك أهم 10 محطات شكلت مسار هذه الرحلة:
مخطط سعر الإيثيريوم | المصدر: BingX
1. إطلاق الورقة البيضاء: رؤية إيثيريوم (نوفمبر 2013)
بدأت إيثيريوم بورقة بيضاء كتبها فيتاليك بوتيرين في 27 نوفمبر 2013، ترى إنشاء منصة لامركزية للعقود الذكية القابلة للبرمجة. وعلى عكس بيتكوين التي ركزت على التعامل المالي المباشر، هدفت إيثيريوم لدعم تطبيقات لامركزية متعددة (dApps)، ما أسس لمفهوم Web3.
2. جمع 18 مليون دولار في ICO (يوليو – سبتمبر 2014)
بين 22 يوليو و2 سبتمبر 2014، أطلقت إيثيريوم واحدة من أقدم وأنجح العروض الأولية للعملات، حيث جمعت أكثر من 18 مليون دولار بعملة بيتكوين. ساعد ذلك في تأسيس مؤسسة إيثيريوم ودعم تطوير البروتوكول قبل إطلاق الشبكة الرئيسية.
3. بلوك التكوين ووقت تشغيل مثالي (30 يوليو 2015)
أُطلقت إيثيريوم رسميًا في 30 يوليو 2015، مَع تشغيل بلوك التكوين. خلال العقد التالي، حافظت الشبكة على وقت تشغيل 100%، ما يعكس ثباتًا استثنائيًا رغم الأزمات والانقسامات المرئية والحركة الكثيفة.
4. اختراق DAO وانقسام Ethereum – ETC (يونيو 2016)
في 17 يونيو 2016، جمع DAO ما يعادل 150 مليون دولار على إيثيريوم، لكن تم اختراقه وسرقة 3.6 مليون ETH. وبعد النقاش، تم تنفيذ انقسام صلب لإرجاع الأموال، ما أدى إلى وجود شبكتين: Ethereum (ETH) وEthereum Classic (ETC)، مثيرًا تساؤلات حول الحوكمة وقابلية التغيير في شبكات البلوك تشين.
5. تحديثات Metropolis: Byzantium و Constantinople (أكتوبر 2017 – فبراير 2019)
أُجريت تحديثات مهمة ضمن المرحلة الثالثة من تطوير إيثيريوم، تشمل، Byzantium (16 أكتوبر 2017): إدخال zk-SNARKs للخصوصية، تخفيض مكافآت البلوك من 5 ETH إلى 3 ETH، وتأجيل “قنبلة الصعوبة”. Constantinople (28 فبراير 2019): تنفيذ خمسة مقترحات تحسين (EIPs) للتحسين الفني وتقليل التكاليف، وتحديثات أدوات المطورين، مع المزيد من التأجيل لقنبلة الصعوبة وتقليل المكافآت إلى 2 ETH. شكّلت هذه التحديثات أساسًا للتوسع وتقليل التكاليف والبنية التقنية اللازمة لـ Ethereum 2.0.
6. صيف DeFi على إيثيريوم (2020)
نمو القيمة الإجمالية المقفلة (TVL) في DeFi | المصدر: TheBlock
بنهاية عام 2020، كانت إيثيريوم قد رسخت مكانتها كأُسُس التمويل اللامركزي (DeFi)، حيث ارتفعت القيمة الإجمالية المقفلة (TVL) من 700 مليون دولار فقط في يناير إلى أكثر من 15 مليار دولار في ديسمبر، أي بزيادة قدرها 2100%. وقد جاء هذا الارتفاع نتيجة إطلاق رموز الحوكمة الأساسية مثل Compound (COMP) في 15 يونيو، وYearn Finance (YFI) في 17 يوليو، وUNI في 16 سبتمبر، والتي أشعلت موجة من نشاط الزراعة العائدية (Yield Farming) عبر بروتوكولات مثل Compound وYearn.Finance وUniswap. وقد سمحت هذه الظاهرة للمستخدمين بكسب المكافآت من خلال توفير السيولة أو اقتراض الأموال، وانضمت منصات شهيرة مثل Aave وCurve بسرعة إلى هذا الاتجاه، مما دفع اعتماد DeFi إلى آفاق جديدة.
بلغ حجم التداول اليومي على Uniswap في فترة من الفترات مستوى منافساً للبورصات المركزية مثل Coinbase، بينما أصبح توزيع 400 رمز UNI لكل محفظة أحد أكثر المكافآت شهرة في تاريخ العملات المشفرة. وقد أدخلت SushiSwap، التي تم إطلاقها في أغسطس 2020، مفهوم "التعدين المصاص" (vampire mining) من خلال سحب السيولة من Uniswap. وفي الوقت ذاته، تجاوزت كمية Wrapped Bitcoin (WBTC) على شبكة إيثيريوم حاجز المليار دولار بحلول منتصف أغسطس، مما أدخل سيولة بيتكوين إلى عالم DeFi. وعلى الرغم من الاختراقات التي تعرضت لها العقود الذكية وارتفاع رسوم الغاز بشكل كبير، فإن قابلية برمجة إيثيريوم مكنت من ظهور سريع للإقراض اللامركزي، والتبادلات، والأصول الاصطناعية، والتأمين، مما عزز دورها كعمود فقري للتمويل المفتوح.
7. معيار توكن Ethereum ERC-721 وجنون الرموز غير القابلة للاستبدال (NFT) في عام 2021
أشهر مجموعات NFT | المصدر: Chainalysis
في عام 2021، أشعل معيار ERC-721 الخاص بإيثريوم انفجار الرموز غير القابلة للاستبدال (NFT) في السوق السائد. شهدت CryptoPunks، التي أُنشئت في عام 2017، ارتفاعًا كبيرًا في قيمتها حيث تجاوزت العديد من مبيعاتها حاجز المليون دولار بحلول منتصف العام. وحقق Beeple إنجازًا تاريخيًا ببيع عمله "Everydays: The First 5,000 Days" مقابل 69 مليون دولار في مزاد كريستيز، ما جعله أحد أغلى الفنانين الأحياء. وحقق Bored Ape Yacht Club (BAYC)، الذي أُطلق في مايو، نجاحًا لافتًا من خلال تقديم NFTs على شكل صور شخصية تمنح عضوية مجتمعية وفعاليات خاصة وتبني من المشاهير، مما مهد الطريق لانتشار هذا النوع من NFTs خلال ما يسمى بـ "صيف الصور JPEG".
في الوقت نفسه، شهد إيثريوم موجة من التجارب الثقافية، بدءًا من عملات المزاح مثل Shiba Inu التي تمزج بين الفكاهة وآليات التمويل اللامركزي، إلى سلاسل الفن التوليدي مثل "Fidenza" من Art Blocks التي أعادت تعريف الإبداع الرقمي. كما تميزت فورة الـNFT بإطلاق منصات بارزة، وتنظيم فعاليات على أرض الواقع مثل NFT.NYC، وأعمال تجريبية مثل "White Male for Sale" للفنان Dread Scott. وساهم كل ذلك في دفع سعر إيثريوم (ETH) إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 4,868.80 دولار في 9 نوفمبر 2021، ما يعكس حماس المستثمرين عند تقاطع الملكية الرقمية، والقيمة القابلة للبرمجة، والثقافة اللامركزية.
8. تحسين EIP-1559 والدمج (من أغسطس 2021 إلى سبتمبر 2022)
خارطة طريق Ethereum 2.0 | المصدر: 21Shares
قدّمت ترقية "London Hard Fork" في أغسطس 2021، تحسينًا رائدًا عبر المقترح EIP-1559، والذي استبدل نموذج رسوم المزاد التقليدي برسوم أساسية يتم تحديدها خوارزميًا لكل كتلة وتُحرق بدلاً من دفعها للمعدنين، مما جعل ETH أصلًا أكثر ندرة مع كل معاملة. وبينما لم تؤدِ هذه الترقية إلى خفض مباشر في رسوم الغاز، فقد حسّنت بشكل كبير من شفافية وتوقع الرسوم. كما أن آلية حرق الرسوم وضعت ضغطًا انكماشيًا على ETH، خاصة خلال فترات النشاط العالي للشبكة، مما أدى إلى تحول سياسة إيثريوم النقدية نحو نموذج انكماشي محتمل.
في 15 سبتمبر 2022، نفذت إيثريوم "الدمج"، وهو أهم ترقية بروتوكولية في تاريخها. هذه الترقية نقلت الشبكة من آلية إثبات العمل (PoW) المكثفة للطاقة إلى إثبات الحصة (PoS) الصديقة للبيئة، مما قلل استهلاك الطاقة بأكثر من 99.95%. كما وحد الدمج بين شبكة إيثريوم الرئيسية وسلسلة Beacon، مما أتاح للمُصدّقين كسب مكافآت عبر تخزين ETH. كما أدى إلى خفض إصدار ETH بنسبة تقارب 90%، مما جعل إيثريوم أكثر كفاءة من حيث رأس المال وأكثر استدامة وأمانًا. وأسس هذا الانتقال قاعدة قوية لميزات التوسع المستقبلية مثل التجزئة (sharding) والتكامل المتقدم مع حلول الطبقة الثانية.
اقرأ المزيد: ما هو Ethereum 2.0؟ دليل المبتدئين لمستقبل إيثريوم
9. عصر التجميع (Rollup): ترقية Dencun وPectra وحلول الطبقة الثانية (من مارس 2024 إلى مايو 2025)
خطة فيتاليك لمستقبل إيثريوم | المصدر: مدونة فيتاليك بوتيرين
بين عامي 2023 و2025، تبنّت إيثريوم بالكامل خارطة الطريق المرتكزة على تقنيات Rollup لتوسيع الشبكة مع الحفاظ على اللامركزية. في مارس 2024، قدّمت ترقية Dencun المقترح EIP-4844 (proto-danksharding) الذي مكّن من المعاملات الحاملة للـ"blob"، ما أدى إلى خفض تكاليف البيانات لحلول الطبقة الثانية بشكل كبير. هذا جعل حلول مثل Optimism وArbitrum وBase وLinea أرخص وأكثر كفاءة للمستخدمين النهائيين. وبحلول مايو 2025، نفّذت ترقية Pectra أحد عشر مقترحًا (EIPs) حسّنت من عمليات المُصدّقين، فرفعت الحد الأقصى للرصيد الفعّال إلى 2,048 ETH (EIP-7251)، وخفّضت وقت التفعيل إلى 13 دقيقة (EIP-6110)، ودعمت محافظ ذكية (EIP-7702). كما رفعت Pectra حدود البيانات (EIP-7691)، ما عزز قدرة التوسع لحلول الطبقة الثانية وساهم في زيادة الإنتاجية. ونتيجة لذلك، أصبحت إيثريوم أكثر كفاءة من حيث التكلفة وأسرع، وأكثر استعدادًا لاستيعاب المليار مستخدم القادم.
اقرأ المزيد: ما هي أفضل مشاريع Ethereum Layer-2 في عام 2025؟
10. صناديق الاستثمار المتداولة لإيثريوم والتبني المؤسسي (من يوليو 2024 إلى يوليو 2025)
تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة لإيثريوم | المصدر: TheBlock
مثّل اعتماد صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) لإيثريوم الفورية في يوليو 2024 نقطة تحول في أسواق العملات الرقمية. لأول مرة، أصبح بمقدور المستثمرين الأفراد والمؤسسات الحصول على تعرض مباشر لـ ETH عبر منتجات مدرجة ومنظمة، دون الحاجة إلى الحفظ الذاتي. وقد أطلقت كبرى شركات إدارة الأصول مثل BlackRock وFidelity وVanEck صناديق ETF لإيثريوم، مما سرّع من تدفقات رأس المال وأضفى الشرعية على إيثريوم كأصل رقمي قابل للاستثمار بمستوى مماثل للسلع التقليدية.
بحلول أوائل عام 2025، بدأت شركات عامة مثل SharpLink Gaming وBitMine Immersion في دمج إيثريوم ضمن استراتيجيات خزائنها، ليس فقط عبر الاحتفاظ بـ ETH ضمن ميزانياتها العمومية، بل وأيضًا عبر تكديسه للحصول على عوائد. وقد أدى هذا التلاقي بين السيولة والعائد إلى ظهور صناديق ETF لتكديس إيثريوم، مما مكّن المستثمرين من كسب عوائد ETH ضمن إطار تنظيمي. كما ساهم إقرار قانون GENIUS في تعزيز دور إيثريوم في التمويل الرقمي عبر الاعتراف القانوني بالعملات المستقرة، والتي تعمل معظمها على شبكة إيثريوم، كمعادل برمجي للدولار الأمريكي. ومجتمعة، وضعت هذه التطورات إيثريوم كبنية مالية أساسية للأصول المرمّزة، وخزائن على السلسلة، وتسوية القيمة في العالم الحقيقي.
لماذا يمثل الذكرى العاشرة لإيثريوم أهمية، وماذا بعد؟
يمثل بلوغ إيثريوم لعامه العاشر أكثر من مجرد احتفال رمزي، بل يعكس تطور هذه المنصة من تجربة جريئة إلى طبقة أساسية من بنية التشفير الحديثة. ويُبرز عقد من التشغيل المستمر دون انقطاع نضج إيثريوم الفني ومرونته التشغيلية، بينما يمتد تأثيره إلى ما هو أبعد من مجتمع المطورين. ومع قيام المستثمرين المؤسساتيين بدمج ETH بشكل متزايد ضمن خزائنهم واستراتيجيات التكديس، بدأت إيثريوم تبرز كأصل يولد عائدًا وشكل قابل للبرمجة من القيمة الرقمية. وهذا يعني للمتداولين والمطورين أن النظام البيئي أصبح يوفر مزيجًا فريدًا من الاستقرار، والفائدة، والفرص، مدعومًا بأساسيات قوية وابتكار مستمر.
ومع التطلع إلى المستقبل، تشمل خارطة الطريق لإيثريوم ترقيات رئيسية مثل قابلية التوسع عبر zkEVM، وتجريد الحسابات، وتفكيك بنيتها عبر حلول التجميع والطبقة الثانية. وتهدف هذه الترقيات إلى خفض تكاليف المعاملات، وتوسيع الوصول، ودعم ترميز الأصول الواقعية على نطاق واسع. وبينما تتحول إيثريوم نحو أن تصبح طبقة التسوية العالمية لكل شيء من العملات المستقرة إلى الأوراق المالية، فقد تمتد تأثيراتها إلى مليارات المستخدمين. ومع ذلك، تظل بعض المخاطر قائمة، مثل التحولات التنظيمية، وثغرات العقود الذكية، وتصاعد المنافسة. ولكن في الوقت الحالي، تبقى إيثريوم في قلب الابتكار في Web3، وتشكل ذكراها العاشرة لحظة تأمل وبداية فصل جديد في مستقبل تقنية البلوكشين.
